الجمعة، 26 نوفمبر 2010

الانطواء والعزله عند الاطفال والمراهقين

الإنطواء والعزلةعند الاطفال والمراهقين
تعتبر الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي يتشرب الطفل منها ثقافته، وطرقة في التعبير عن ذاته وتواصله مع الآخرين، حيث تبنى فيها اللبنات اللغوية الأولى والخبرات الاجتماعية التي تمكنه من دخول عالمه، مصقولاً بمجموعة من الآليات التي تعينه في مواجهة المواقف الحياتية القادمة.وتصبغ الأسرة التي يتربى فيها الطفل شخصيته بسمات المجتمع الذي يحيى فيه، حيث يكتسب أنماطاً اجتماعية مشتركة مع الأطفال الآخرين، وعندما يكون هذا المجتمع مزيجاً من الثقافات المتعددة، لا شك أن بعض الإرباك اللغوي والثقافي والاجتماعي يطرأ على سلوك الطفل، حيث يبدأ بالمقارنة والمحاكمة العقلية بين عدة سلوكيات تمر عليه،فإما يكون قادراً على التمييز والتقدير وبالتالي الخروج من هذه المحاكمة بنجاح، وإما يكون غير قادر على مواكبة ما يحدث حوله فيميل إلى الاستسلام والإنعزال والاجتماعي.لذلك تأتي هنا أهمية الأسرة في مساعدته في تأصيل الثقافة التي ينتمي إليها، ومساعدته على التعبير عن ذاته في ظل هذا التنوع من الثقافات، حتى لا يكون مصيره
الخوف والإنعزال من مواجهة العالم المحيط حوله
و غالبا ما ينجم الضعف الاجتماعي من اضطراب الوسط العائلي أو المدرسي كما يلعب الأفراد دوراً كبيراً في انحراف الشخصية السوية, وهناك أسباب مؤدية إلى العزلة عند الأطفال منها ضعف العلاقة الودودة الوطيدة بين أفراد الأسرة لتلبية الاحتياجات النفسية, التدليل الزائد وحجب الطفل عن الأنشطة العامة خوفاً عليه من الحسد أو خشية الإصابة بالأذى, اهتمام الأسرة والمدرسة بتنمية الحصيلة المعرفية للطفل، وعدم امتلاكها لبرامج منهجية لتطوير المهارات الحياتية القائمة على حل المشكلات اليومية والتكيف مع البيئة, سياسة الأسرة التسلطية في التهذيب المبنية على الزجر والتأنيب لا الرفق والترغيب, الجهل بالمهارات الاجتماعية، مثل: معرفة طرق اكتساب الأصدقاء، والاستئذان، وإفشاء السلام، وفن الإصغاء الايجابي، وأدب الحديث. قيام الأصدقاء أو الأقارب بتوجيه النقد القاسي، واستخدام التوبيخ الصارم، والاستخفاف المستمر به فيفقد الطفل الثقة بقدراته ولا يتقبل ذاته, تساهم الصدمات العاطفية (وفاة الأم مثلاً)، والصعوبات الصحية والاجتماعية بأزمات حادة لا يستطيع كل الأطفال مواجهتها دون عناء شديد، كما أن التنقلات المفاجئة من بلد لآخر أو من مدرسة لأخرى قد تسبب في تقلبات سلوكية تربك فكر ونفس الطفل. يشعر الطفل بالنقص إذا فقد أعز أقربائه أو عندما يصاب بمرض دائم، أو سمنة مفرطة، أو عندما يتعرض للفقر الشديد فيشعر بأنه منبوذ ويتخذ ذلك ذريعة لهجر الواقع والهروب إلى عالمه الصغير الخالي من التحديات. قد يقوم الأهل بترسيخ تصورات غير صحيحة أمام الطفل وزملائه مثل ترديد الجملة التالية: ابني فاشل منذ الصغر ويكره المشاركة في الأنشطة الجماعية. تقوم التصورات الخاطئة بتشكيل تصرفات مماثلة وأحاسيس سلبية تسيطر على الفرد، فعندما نقول عن ابنتنا مثلاً: إنها تافهة وغير اجتماعية وهذا طبعها لا تستطيع تغييره مستقبلاً، فإننا نكون قد أقنعناها بفكرة تجافي الصواب وتنافي الفطرة ووقعنا في خطأ كبير. فكل إنسان سوي رزقه الله ذكاءً اجتماعياً يمكنه من خلاله تنظيم حياته وتوظيف طاقاته بالتعاون مع من حوله إذا اجتهد الفرد في تعلم وتنمية المهارات اللازمة.و الاعتقاد بخلاف ذلك قد يؤدي إلى ترسيخ معتقدات وعادات غير سليمة تدعو للسلبية
.
وتظهر عند بعض الأطفال في الفئة العمرية من 2-3 سنوات وقد تستمر لدى البعض حتى المدرسة الإبتدائيةومن الممكن ظهورها فجأة في المرحلة الإبتدائية حينما يزداد احتكاك الطفل وتفاعله الإجتماعي وقد تستمر معهم حتى وهم بالغون.


ومشكلة الإنطواء والعزلة غير شائعة وإن كانت نسبتها لدى الإناث أعلى من نسبتها لدى الذكور.وكثيرا ما يساء فهم الإنطواء فالبعض يلوم الطفل على انعزاله ويرى في ذلك بلادة وجبنا وانكماشا لاداعي له بينما البعض الآخر يحبذ هذا السلوك ويرى بأنه طفل عاقل ورصين يحافظ على مكانته الإجتماعية ولايثير ضجة وحقيقة الأمر أن الطفل المنطوي طفل بائس غير قادر على التفاعل الإجتماعي أو الأخذ والعطاء مع الزملاء فعدم اندماج الطفل في الحياة يؤدي إلى عرقلة مشاركته لأقرانه في الأنشطة.

والمشكلة تكمن في استمرار الطفل على هذا السلوك حتى يكبر مما يعوق نموه النفسي عبر المراهقة والشباب ويتفاقم الأمر إلى العزلة التامة التي يصعب معها التأقلم ويدخل فيما يسمى بالإضطراب شبه الفصامي.


ويظهر الإنطواء على شكل نفور من الزملاء أو الأقارب وامتناع أو تجنب الدخول في محاورات أو حديث وأحيانا يخالط الطفل المنطوي أطفال يشبهونه في الإنطواء ويكون الحديث بينهم مقتضبا كما يظهر على شكل الإلتزام بالصمت وعدم التحدث مع الغير وقد يكون الإبتعاد عن المشاركة في أي اجتماع أو رحلات أو أنشطة رياضية مظهرا من مظاهر الإنطواء والعزلة.

الأسباب لهذه المشكلة هي:-

إن إصابة الطفل بالإنطوائية يتوقف على التفاعل بين درجة إعداده الوراثي ومقدار الضغط الذي يواجهه في الحياة.

ولايرجع الإنطواء إلى أثر البيئة وعوامل التنشئة الإجتماعية فحسب بل هي مرتبطة أيضا بالوراثة من حيث التكوين البيولوجي للفرد والوظائف الفسيولوجية للقشرة الدماغية فالفرد الذي يتمتع بدرجة استثارة سريعة وقوية نسبيا وبكف رجعي ضعيف بطئ الزوال فغالبا ما ينزع إلى ممارسة سلوكيات ذات صبغة إنطوائية. وقد يشير الإنطواء المتطرف إلى وجود مشكلات نفسية أكثر تعقيدا وشمولا لدى الطفل كما قد يشير إلى واقع الطفل غير السار مثل المنزل غير السعيد أو الفشل المستمر في المدرسة.هناك اسباب كثيرة للانطواء ومنها:-
(1)
الشعور بالنقص بسبب عاهة جسمية أو ما يسمعه الطفل عن نفسه منذ صغره بأنه قبيح الشكل أو عدم تمكنه من إقتناء أشياء لفقره أو ما يتعرض له الطفل من مشكلات تقلل من قيمته ولايجد الإستحسان الذي وجده داخل أسرته مما يشعره بعدم الكفاية وفقدان الثقة فيصبح إنطوائيا.



(2)
إفتقاد الشعور بالأمن لفقده الثقة في الغير وخوفه منهم.



(3)
إشعار الطفل بأنه تابعا للكبار وفرض الرقابة الشديدة عليه يشعره بالعجز عند الإستقلال أو إتخاذ القرارات المتعلقة بالطفل دون أخذ رأيه أو مشاورته.



(4)
تقليد الوالدين فقد يكون الأطفال المنطوون ان آبائهم منطوون كذلك كما أن دعم الوالدين لإنطواء الطفل على أنه أدب وحياء ظهوراسباب هذه المشكلة هو:-.



(5)
قد يؤدي تغيير الموطن إلى اختلاف العادات والتقاليد وترك الأهل والأصدقاء إلى الإنطواءكما ذكرنا سابقا



(6)
اضطرابات النمو الخاصة والمرض الجسمي فإضطراب اللغة يهيئ الطفل لتجنب التفاعل والإحتكاك بالآخرين كما أن إصابة الطفل بالحمى الروماتيزمية أو الإعاقة الشديدة تمنعه من الإندماج والإختلاط بمن هم في مثل سنه فلا يجد مخرجا من ذلك سوى الإنعزال عنهم.



(7)
الفقدان المبكر للحب فلقد أكدت دراسات عديدة وجود علاقة بين الفقدان المبكر لموضوع الحب وبين الإنطواء عند الأطفال فلقد اتضح أن انفصال الوالدين بسبب عدم التوافق الزواجي يؤدي إلى ارتفاع حدوث الإنطواء والعزلة عند الطفل أكثر مما يحدث عند فقدان أحد الوالدين بسبب الموت.معالجة الانطوائية والعزلة التي يعاني منها الطفل

ينبغي أن ندرك أن الطفل الإنطوائي حساس حساسية مفرطة وفي حاجة شديدة لأن نعيد إليه ثقته بنفسه وذلك بتصحيح فكرته عن نفسه وعلى قبول بعض النقائص التي قد يعاني منها وأن نعمل على تنمية شخصيته وقدراته ولكي يتحقق ذك يجب إتباع الآتي:


(1)
أن يشعر الطفل المنطوي بالحب والقبول لذا ينبغي التعرف عليه وفهمه فهما عميقا ودراسة (حالته الصحية والإجتماعية وظروفه العائلية وعلاقاته بأسرته ) وهل هو فعلا يعاني من الإنطواء أو هو توهم ومساعدته على التخلص من ذلك واقعيا بمساعدته على بناء شخصيته وإستعادة ثقته بنفسه.



(2)
إذا كان سبب شعور الطفل بالنقص إعتلال أحد أعضاء جسمه فينبغي تدريب العضو المعتل لأن التدريب يزيد من قوة العضو المعتل وبذلك يتخلص من شعوره بالنقص وتتحقق سعادته.



(3)
تهيئة الجو الذي يعيش فيه الطفل وشعوره بالأمن والطمأنينة والألفة مع الأشخاص الكبار الذين يعيش معهم سواء في الأسرة أو في المدرسة وبذلك يفصح عما بداخله من مشاكل ومخاوف وقلق ومساعدته على حلها وهذا لا يتم إلا إذا شعر بالقبول والتقدير والصداقة.



(4)
عدم تحميل الطفل فوق طاقته وقيامه بأعمال تفوق قدراته حتى لا يشعر بالعجز مما يجعله يستكين ويزداد عزله عن الناس بل ننمي قدراته وقيامه بالأعمال التي تناسب قدراته وعمره الزمني.



(5)
تشجيع الطفل المنعزل على الأخذ والعطاء وتكوين صداقات مع أقرانه وتنمية مواهبه كالرسم والأشغال وإتقانه لهذه المواهب سيكون دافعا يشجعه عل الظهور مما يعمل على توكيد الذات والثقة بالنفس.



(6)
التربية الإستقلالية وعدم تدليل الطفل خير وسيلة للوقاية والعلاج من العزلة حيث أن الطفل المدلل معتمدا على والديه عاجزا على الإعتماد على الذات غير ناضج إنفعاليا مطيعا لكل الأوامر فيصب حينها في قالب الطاعة ويخرج طفلا سلبيا خجولا.فيجب أن نقلل من حماية الطفل والإستمرار في تدليله لكي يستعيد ثقته في نفسه عن طريق التربية الإستقلالية التي يجب أن نتبعها تدريجيا.



(7)
اكتشاف نواحي القوة في قدراته وتنمية شخصيتة المنعزل في جو من الدفء العاطفي والأمن والطمأنينة سواء في المنزل أو في المدرسة والإنتماء إلى جماعات صغيرة من الأقران في المدرسة أو النادي والإندماج معهم والشعور بأنه فرد منهم.



(8)
إشراك هؤلاء التلاميذ في الأنشطة والأعمال الجماعية وتمكينهم من القيام بمبادرات إيجابية عن طريق إشراكهم في الإذاعة المدرسية وتكليفهم بالقراءة الفردية أمام زملائهم بغرفة الصف وذلك لمساعدتهم على تخفيف حدة العزلة شيئا فشيئا للتخلص من هذه المشاعر السلبية نحو الفرد والمجتمع
..........................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق